تتلاشى الوجوه العابسة من حولها، وتتلاشى معها أصوات نحيب نساء متشحات بالسواد وكأنهن فى سرادق عزاء، وصراخ أطفال مطحونين بين راحة أمهاتهم وسندان أبائهم، وغضب رجال من نسوة خربن بيوتهن وجلسن على عروشها الخاوية.
الصمت يخيم على المكان، وسط هذا الفراغ جلست"ريما"التى تستعد لمغادرة عامها السادس والثلاثين على كرسى يقاوم السقوط، قابع فى ركن بعيد فى رواق ضيق، أركانه متساقطة الدهان، فى سكون يشبه سكون الموتى، بدت على الزوجة الثلاثينية علامات القلق والحزن، كانت تطوق جسدها السمين المستتر خلف ملابس متواضعة بيدها المرتعشة وكأنها تحاول أن تطمئن قلبها، ولم يخرجها من دوامة التفكير والتساؤلات:" ياترى متى أحصل على حريتى من ذلك الرجل المخادع العاجز" سوى نبرة حادة تخبرها ببدء جلسة دعوى الطلاق للضرر التى أقامتها ضد زوجها فى محكمة الأسرة بزنانيرى بعد 3 شهور فقط من الزواج بسبب ضعفه الجنسى.
تبدأ الزوجة الثلاثينية رواية تفاصيل حكايتها وهى تضم قبضتها إلى صدرها المثقل بالهموم وتغمض عينيها الممتلئتين بالدموع:"لم أتزوجه عن حب مثلما كنت أحلم دوما، فلم يكن أمامى خيار غيره، فقد كان عمرى قد جاوز الثلاثين بـ 6 سنوات، وكان هو فرصتى الأخيرة لإنجاب الطفل الذى لطالما حلمت به، وسبيلى الوحيد لرد اعتبارى أمام من جرحوا أنوثتى، وأكلوا لحمى بألسنتهم ونظراتهم، واعتبرونى وباء يجب الإبتعاد عنه، واعترف أنه بدا عريسا مناسبا، لايفصلنى عنه سوى سنوات معدودة، يعمل محاسب، أصله طيب، ورزقه وفير، وسيضمن لى حياة كريمة، وبالفعل لم تمر فترة طويلة حتى تمت مراسم الزفاف، وفى ليلة الدخلة التى تحلم بها أى فتاة، فشل زوجى فى أداء مهمته، أوهمت نفسى حينها بأنه ربما يكون مجهد أو متوتر، لكن يبدو أننى كنت بلهاء، فالأمر تكرر وكل محاولاته باءت بالفشل ".
تواصل الزوجة الثلاثينية حديثها لـ"صدى البلد"وهى تشيح وجهها صوب باب أذهبت السنوات بريقه:"أخفيت الأمر عن أهلى فى البداية، وأرتديت قناع السعادة على وجهى، حتى لا يشعر أحدا بعذابى المحبوس بين ضلوعى، وأنا أحيا بجانب رجل عاجز، مرت الأيام باردة، ازدادت معاملة زوجى لى سوءا، تحول الى شخص عنيف قاسى وعصبى رغم محاولاتى المضنية لإسكات صرخات جسدى حتى لايسمع صوتها وإخماد نارمتطلباته، ياالله ما أصعب أن تحيى كزوجة مع إيقاف التنفيذ، تحترقين كل يوم بنار الشوق ولا تجدى من يطفأها، وتخضعين لسلسلة من المحاولات الفاشلة دون أى اكتراث لمشاعرك ولإحتياجات جسدك وكأنك فأر تجارب، وبعدما أصابنى اليأس من تبدل الأحوال، طلبت من رجلى أن يعرض نفسه على طبيب مختص ليضع حلا لمعاناتنا، فى بادىء الكلام ثار لكنه فى النهاية خضع لرغبتى رغبه فى تجميل صورته أمامى وإظهار ثقته فى رجولته، وخوفا من أن تتناثر من ثغرى كلمات تشى لأهله بعجزه".
تفرج الزوجة الثلاثينية عن الدموع المتحجرة فى مقلتيها وهى تختتم حديثها:" وبعد الفحص أكد الطبيب أن زوجى يعانى من ضعف جنسى، نزلت كلماته على رأسى كالصاعقة، وعصفت التساؤلات بذهنى لماذا لما يصارحنى منذ البداية بأمر عجزه، لماذا لم يعطنى حتى حق الإختيار،ألهذا الحد هو شخص لا يهتم إلا بحاله وبصورته أمام العالمين؟!،تنقلنا بين الأطباء وجميعهم أكدوا عجزه، فقررت أن اتخلص منه ومن خداعه، وطرقت أبواب محكمة الأسرة وأقمت دعوى طلاق للضرر، حولتنى المحكمة أنا وزوجى إلى مصلحة الطب الشرعى لتوقيع الكشف علينا، وبيان إذا ماكانت عنة زوجى نفسية أم عضوية، وهل يمكن الشفاء منها أم لا؟!، وبالفعل أثبت الفحص أننى لا أزال بكرا، وأن رجلى لايعانى من عنة عضوية، وقد يكون مرض السكر هو سبب عجزه، لكن المحكمة رأت أن التقرير غير كاف، وأعادت القضية برمتها إلى الطب الشرعى مرة ثانية، وأمرت بعرض زوجى على طبيب مخ وأعصاب لبيان سلامة الشرايين والأوردة المغذية لأعضائه التناسلية، وها أنا انتظر أن يتم تحديد موعد لحجزالدعوى للحكم".
المصدرالبلد