"ما حكم تأجيل الغسل من الجنابة في الشتاء البارد وتكرار الجماع: الحقيقة الكاملة والإجابة الشافية"

 ما حكم تكرار الجماع على جنابة وتأخير الاغتسال بسبب برد الشتاء؟

الوطن العربي

في الشريعة الإسلامية، الطهارة من الجنابة شرط لصحة العديد من العبادات، مثل الصلاة وقراءة القرآن ولمس المصحف. ومع ذلك، قد يواجه المسلمون بعض المواقف التي يصعب فيها الالتزام المباشر بالاغتسال، خاصة في فصل الشتاء بسبب البرد القارص. في هذا المقال، نسلط الضوء على حكم تكرار الجماع على جنابة وتأخير الاغتسال عند وجود سبب معتبر، كالخوف من البرد.

أولاً: حكم تكرار الجماع على جنابة

تكرار الجماع دون اغتسال من الجنابة الأولى جائز شرعاً، على أن يحرص المسلم على الاغتسال بعد الانتهاء وقبل أداء الصلاة. ودليل ذلك ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف على نسائه بغسل واحد" (رواه مسلم). يشير الحديث إلى جواز تأخير الاغتسال إذا لم يتداخل الأمر مع أداء الصلاة أو أي عبادة تشترط الطهارة.

ومع ذلك، فإن الإسلام يحث على الطهارة والتنظف بشكل عام. لذا، إذا أمكن الاغتسال بين الجماعَين دون ضرر أو مشقة كبيرة، فهو أفضل وأكمل للتنزه عن أي أذى قد يلحق البدن أو الملابس من أثر الجنابة.

ثانياً: تأخير الاغتسال بسبب برد الشتاء

إذا كان البرد شديداً ويصعب الاغتسال بماء بارد، يجوز تأخير الغسل إلى حين توفر وسيلة للتدفئة أو ماء ساخن. ولتجنب الضرر، يمكن اللجوء إلى التيمم كبديل مؤقت إذا تعذر الاغتسال نهائياً. قال الله تعالى: "وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوۡ جَآءَ أَحَدࣱ مِّنكُم مِّنَ ٱلۡغَآئِطِ أَوۡ لَـٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمۡ تَجِدُوا۟ مَآءٗ فَتَيَمَّمُوا۟ صَعِيدٗا طَیِّبࣰا" (النساء: 43).

ولكن يجب أن يكون التأخير مرتبطاً بالضرورة، وليس نتيجة الكسل أو التهاون. فإذا تيسر استعمال الماء الدافئ أو وجود وسائل تدفئة للمكان، فلا يجوز التأخير.

نصائح عملية للمحافظة على الطهارة في الشتاء

1. توفير الماء الساخن مسبقاً: يمكن تسخين الماء باستخدام سخانات أو غلايات كهربائية.
2. اغتسال جزئي: في حال المشقة الكبيرة، يُسمح بغسل الأعضاء الضرورية فقط (التيمم عند الضرورة).
3. التدفئة قبل الاغتسال: تدفئة المكان يمكن أن تساعد في تقليل الشعور بالبرد.

تكرار الجماع على جنابة جائز بشرط الاغتسال قبل أي عبادة تستلزم الطهارة. أما تأخير الاغتسال بسبب برد الشتاء، فهو مُباح للضرورة بشرط عدم التهاون، واللجوء إلى التيمم عند الحاجة القصوى، مما يبرز مرونة الشريعة في التعامل مع الظروف المختلفة .